يقول الله عز
وجل ((إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون))
وقال تعالى: (( أمَّنْ
هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو
رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا
يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ))
وحين نزل قوله
تعالى : (( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؛ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً )) قال
صلى الله عليه وسلم ولى زمان النوم يا خديجة
فمن طلب الجنان
ولذة النعيم فليقم لله "أطعموا الطعام وافشوا السلام وصلوا باليل والناس نيام
تدخلوا الجنة بسلام"
وأفضلُ صلاةٍ نتقرَّب بها إلى ربِّنا بعدَ الفريضة قيامُ
الليل؛ فعن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفضلُ الصيام بعدَ رمضان شهر الله المُحرَّم، وأفضلُ الصلاةِ
بعدَ الفريضة صلاةُ اللَّيْل)؛ رواه مسلم .
فعُلوُّ منزلة المؤمِن ورِفْعته مداومتُه على قيامِ الليل،
فنِعْمَ المنزلةُ منزلةُ أهل قيام اللَّيل، فهي منزلةٌ باقيةٌ لا تتحوَّل ولا
تتغيَّر، فهي شرفٌ في الدنيا لمَا يضعه الله لعبدِه مِن القَبول في الأرض، وشرف في
الآخِرة لِمَا لصاحبها مِن النعيم المقيم والدرجات العُلى، فلمَّا ذَكَر الله
صفاتِ عباده بقوله - تعالى -: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: ذَكَر جزاءَهم في الآخِرة: ﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ
مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ السجدة: .
وقيامُ الليل من أخصِّ أعمال أولياء الله، ممَّن سبَقَنا من
الأمم؛ فعَن أبي أُمامة الباهِليِّ - رضي الله عنه - عن رسولِ الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم - قال: ((عليكم بقيامِ اللَّيل، فإنَّه دأبُ الصالحين قبْلَكم،
وهو قُرْبة لكم إلى ربِّكم، ومكفرة للسيِّئات، ومنهاةٌ عن الإثم)) رواه ابنُ خزيمة .
وقد كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقوم مِن كلِّ الليل، لكن الذي استقرَّ عليه فعْل النبيِّ -
صلَّى الله عليه وسلَّم - تأخيرُ القيام والوتر آخِر الليل، فعن عائشةَ - رضي الله
عنها - قالتْ: مِن كلِّ الليل قد أوْتَر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -
مِن أوَّل اللَّيْل وأوسطه وآخِره، فانْتَهى وترُه إلى السَّحَر))؛ رواه البخاري ومسلم .
وإذا أردتَ أن تعرِفَ وقتَ دخولِ الثُّلُث الأخير مِن الليل،
فانظر عددَ الساعات التي بيْن أذان المغرِب وأذان الفجْر، واقْسمها على ثلاثة، ثم
أضِفْ ثُلُثي هذا الوقت إلى وقتِ أذان المغرب، وناتج الجَمْع هو وقت دُخول
الثُّلُث الأخير مِنَ الليل.
فالبعضُ ربَّما يستثقل قيامَ الليل، ويرى أنَّه شاقٌّ على
النفس، وقد يكون ذلك في بدايةِ الأمر، وما أن تمرَّ فترةٌ حتى تفرحَ النفس به،
وتشعر بالراحةِ والطُّمأنينة أثناءَ القيام، ولا يشعر المصلِّي بالوقت أثناءَ
القيام فيمر سريعًا، كيف لا يأنس مَن ينطرح بين يدي ربِّه يُناجيه، ويثني عليه،
ويسأله مِن فضله؟! كيف يسأم مَن خلاَ بمحبوبه في وقتِ قُرْبه منه؟!
تُرِيدِينَ لُقْيَانَ الْمَعَالِي
رَخِيصَةً
وَلاَ بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ
إِبَرِ النَّحْلِ
|
ومِن أعظمِ المعوقات عن قيامِ اللَّيل كثرةُ المعاصي، فكثرةُ
المعاصي تنفر مِن الطاعات حيثُ يستولي الشيطانُ على العبدِ، فيُظلم قلْبُه فتَميل
نفسُه للشهوات، وتشقُّ عليها الطاعات، فعن حُذيفةَ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ
رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((تُعرَض الفِتن على القلوبِ
كالحَصيرِ عُودًا عودًا، فأي قَلْبٍ أُشْرِبها نُكت فيه نُكتةٌ سوداءُ، وأي قلْب
أنْكَرها نُكِت فيه نُكتةٌ بيضاءُ، حتى تصيرَ على قلبَيْن: على أبيضَ مثل
الصَّفَا، فلا تضرُّه فتنةٌ ما دامتِ السماوات والأرض، والآخَر أسود مُرْبادًّا -
مسوادًّا قد أظْلَم بسببِ كثرة المعاصي - كالكُوز مُجَخِّيًا
- مائلاً فلا يستقرُّ فيه الماء - لا
يَعْرِف معروفًا، ولا يُنكر مُنكرًا، إلا ما أُشْرِبَ مِنْ هَواه))؛ رواه مسلم.
فعليك أخي أن تلتزم بدِأب الصالحين وهذه فرصة لك علي ترويض
النفس حيث المدرسة الرمضانية علك أن تلزمهابه وتوطنها عليه فأحب الأعمال ِإلى الله
أدومها
إعداد جمعية المستقبل فرع الطينطان